عفوا سيدى أنا لست أنثى .. فالبقرة أنثى ، والبعوضة أنثى ، وكما أن الغزالة أنثى ، حتى السحلية أنثى ! سيدي الرجل وأقول الرجل لا الذكر لأن الأنثى وصف تشريحي وظيفي متعلق بالجسد ، و نحن لا نريد أن تكون النظرة للجسد ، أنا إنسان كرمت في كل الأديان و لي ذات الحقوق والواجبات . للأسف مازالت نساء العالم تعانى من أشكال التمييز ، فلا يوجد مجتمع إلا وتعانى فيه النساء والفتيات من التمييز ولكن بدرجات متفاوتة . تشعر الفتاة العربية بالتفرقة والتمييز منذ معرفة أن نوع الجنين في رحم الأم أنثي ، فيقابل الخبر بالحزن والغم ، أما لو كان الجنين ذكرا فسوف يشعر الأهل بالفرحه والعز .. رافعين إشارات النصر . ومعروف لدي الجميع أن العرب في الماضي كان يستقبلون المواليد الذكور بالطبول أما الإناث فيكون نصيبهن الوأد و التخلص من عار كونها أنثى . ومازال الكثير من العائلات في الريف ترفض توريث البنات و الإعتراف بحقوقهن في الميراث و يلقي لهن بالفتات و يختص الذكر بكل الحب المادي أو المعنوي و ليس للأخت الحق لا في أرض و لا دار ولا غيط . ويمر مسلسل إنتهاك حقوق المرأه بالتمييز بينها وبين الذكر في الحقوق والواجبات ، و إنتهاء بالعنف الذي يمارس ضد المرأة ويقابل بالصمت والتواطؤ من المجتمع . ساهم في تعزيز ثقافه إهمال الإناث الموروث الشعبي من الأمثال الشعبية ففى المثل أن ” البنت بسبع أرواح ” ، وبالتالي فهي تستحق عناية أقل من أخيها الذكر وأن عليها أعباء أكثر منه لقوتها وصبرها و أرواحها السبعة . أثقلت حواء بكل الذنوب وحملت بكل الخطايا حتى وإن لم تقترفها ، فمنذ بدأ الخليقة وكل خطيئة قالوا أن ورائها أنثى ، وكل كارثة تتحملها الأنثى حتى لو لم يكن لها يد فيها .. فما زال الموروث أن حواء هي من أغوت آدم و سبب طرده من الجنة ، و كذلك مقولة فتش عن المرأة ، كانت شهادة و وثيقة لتتحمل كل كوارث الأرض و أوزارها . ويأتى بعد ذلك موروثنا من القصص العالمية بداية من سنووايت و سندريلا الجميلة و راپنزل ذات الشعر الأشقر الطويل ، فكلهن في الروايات كن جميلات و طيبات إلى حد السذاجة و بائسات ولا تحل مشاكلهن إلا عن طريق الرجل فهى الفتاة الوديعة المغلوبة علي أمرها التى لا تتمكن من إيجاد حلول إلا عن طريق المنقذ الرجل . وبالتالي تنمو الفتاة محاطة بالنظرة الدونية التي يكرسها لها المجتمع . والحال في بقية الدول العربية ليست أفضل بكثير ، ففي بعض الدول تم حرمان المرأة من حقوق أساسية كقيادة السيارة والسفر ، ومعاناتها من العنف الأسري والتمييز في فرص العمل والرواتب وممارسة الحق السياسي . من الملاحظ أنه منذ بداية حركات التغيير وقيام الثورات في عالمنا العربي بادرت المرأة إلى المشاركة جنبا إلى جنب مع الرجل . فرسخت في الأذهان أسماء مثل جميلة بوحيرد في الجزائر ، و هدي شعراوى في مصر . و دخلت بعض النساء العربيات السجون نتيجة لنشاطهن السياسي الذي ساهمن فيه كالرجال تماما ، وتعرضت ناشطات التحرر الإجتماعي والسياسي إلى عقوبات متعددة الأشكال من المجتمع ، إبتداء من محاربتهن أخلاقيا ونبذهن والتشهير بهن إلى الزج بهن في السجون . وتكمن المفارقة في وضع المرأة العربية المشاركة في النضال السياسي في أن “رفيق الدرب” الذي يرحب بمشاركتها في المهام والعقوبات جنبا إلى جنب معه ، هو الذي يتوانى عن معاملتها كندّ له حين قطف ثمار العمل السياسي الذي شاركته أصعب مراحله ومظاهره . ففي مصر لم تحظ النساء بحضور سياسي في الحكم يوازي حضورها في الشارع أثناء الثورة . إن المرأة العربية تبقى مربوطة بسلاسل الأصول و العادات و التقاليد والاعراف . حتى عندما يمتدحون المرأه ويذكرون محاسنها يقولون “هي نصف المجتمع” وما الجديد في ذلك فأن كانت نصف المجتمع فإن الرجل هو النصف الآخر . مع أنهما ليسا أنصاف فكل منهما واحد صحيح . لماذا يظنون أنهم يمتدحون المرأة حينما يقولون “هي الأم والأخت والزوجة والإبنة “؟ هذا وصف وليس مدحا أو ذما . أن المجتمع يأبي أن يراها في دور خاص بها بل كلها أدوار تابعة للرجل فهى أمه أو أخت أو زوجة أو ابنة ، لا سيدة قرارها و ملكة نفسها . حتي من ينادي بحرية المرأه و إنتهاك جسدها يكون بقصد المنفعة منها والربح التجاري ، فينظر لها علي إنها سلعة تستخدم لعرض منتج إستهلاكى و هنا تكون حرية توازى قمعها وتقزيم دورها بحجة واهية كاذبة . كالخوف عليها أو إنها كالحلوي تغطى بعيدا عن العيون . أما الإعلام تخلي عن دوره التنويرى و نظر للمرأة علي انها سلعة فلا يسلط الضوء إلا علي أصحاب المهن الترفيهية من مغنيات أو ممثلات لكن يتجاهل المرأة ذات الدور التربوي أو السياسي أو الإجتماعي . لابد من التوعية الشاملة بدور المرأة التنويري و قيام وسائل الإعلام بدورها و وضع إستراتيجية موحدة لمعالجة القضايا الحقيقية للمرأة المصرية ومشكلاتها الحقيقية مثل محو الأمية وتسرب الفتيات من مراحل التعليم المختلفة و زواج القاصرات وتفعيل الدور السياسي و الإجتماعي للمرأة بالأقاليم . و العمل على تغيير الرواسب والموروثات الإجتماعية الخاطئة و البالية ، وتغيير صورة المرأة في عين وذهن المرأة ذاتها ووقف عرض المرأة كسلعة و جسد . وأخيرا وليس آخرا يجب علي المجتمع أن يغير من نظرته للمرأه علي إنها سلعة أو كائن ضعيف بل عليه معاملة المرأة كأنسانة لها حقوقها الإنسانية و إحترام عقلها وذكائها وعلمها ، وألا نعاملها كفريسة وتكون نظرتنا لها نظرة إنسانية وليست نظرة جسدية كالحيوانات .